الخميس، 11 ديسمبر 2014

د.م/أحمد فوزي يكتب: موسيقى الأذان




موسيقى الأذان 

بينما كنت أتصفح على موقع اليوتيوب بعض مقاطع الموسيقى القديمة استوقفنى مقطع فجّر بداخلى ذكريات ومواقف, هو موسيقى الأذان وبمعنى أصح موسيقى ما قبل الأذان وهى عبارة عن مقطوعة موسيقية تعزف على آلة القانون ( آلة وترية ) وفى بعض الحالات تعزف على الناى ( آلة هوائية ) ، وكانت تعزف قبل الأذان للتنبية بقدوم موعد الصلاة وكان ذلك فى فترة الثمانينات على القنوات الأرضية بالطبع حيث لم يكن هناك أي قنوات فضائية.

وهذا المقطع ذكرنى بطفولتى وأيام اللعب واللهو مع أخى الأصغر حيث لم يتجاوز عمرى السبع أعوام، فعندما يحين موعد الأذان وتبدأ الموسيقى كنت أتوقف عن اللعب وأوجه أخى ليتوقف عن اللعب هو الآخر بجملة واحدة " بطل لعب حرام .... الموسيقى " ، ولقد تأملت كثيرا هذا الموقف وهذة الجملة بالتحديد وسألت نفسى لماذا كانت قدسية الموسيقى عندى فى ذلك الوقت بنفس قدسية الأذان؟ لدرجة أني لم استطع الفصل بينهما إلا فى سن متقدمة عندما اختلفت القنوات فى طريقة عرض الأذان ،والاجابة على هذا التساؤل تكمن فى فكرة التكرار والعادة وهو ما يعتاد الانسان على فعلة او تلقيه مرارا وتكرارا و هذا ما حدث معى فى موسيقى ما قبل الأذان.

و التعليم عن طريق التعود و التكرار ينطبق على العديد من المجالات وعلى مراحل عمرية مختلفة ولكنها أكثر تأثيرا في الأعمار الصغيرة " فمن شب على شئ شاب عليه " وسوف أحاول تطبيقها على الفن ، حيث أن تقدم المجتمعات وحضارتها لا يكون إلا بتقدم الفنون وخصوصا فن العمارة، واخص فن العمارة بالذكر لأنة المكون الأول و الرئيسى لأى مدينة وذلك لأن المدينة تتحدث قبل أن يتكلم أحد من البشر سواءا كانوا من الفنانين أو المثقفين أو غيرهم ولغتها مقروئة و مفهومة لكل أنواع البشر من المتعلمين أو حتى الجهلاء، فقد قال أحد معمارى الحداثة أرنى مدينتك وسوف أخبرك ما هو مقدار حضارتك ، و لكى أدلل على وجهة نظري هذة سوف اضرب مثال بسيط، إذا قدر لك السفر إلى العالم المتقدم مثل دول أوروبا أو أمريكا أو مقابلة أحد العائدين من رحلة حتى وإن لم يكن من المتخصصين فى مجال العمارة وسألته ماذا رأيت؟ فإنه يبدأ بالحديث عن المبانى وأشكالها وناطحات السحاب وعرض صورة تذكارية له مع المعالم السياحية والتى ما هى إلا مبانى وهذة مظاهر الحضارة الملموسة والمتاحة لكل المتلقين مهما كانت لغتهم او جنسيتهم او مستوى تعليمهم وبعد ذلك يتطرق الى سلوك البشر من نظافة ومعاملات وغيرها وهذا يثبت اهمية فن العمارة وعالميته.

والسؤال الذى يطرح نفسه هنا كيف نطور فن العمارة وبالتالى شكل المدينة والمجتمع ككل باستخدام قاعدة التعود والتكرار بشكل إيجابى؟ وللإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعلم أن تقدم المعمار لن يتـأتى فقط بتقدم المهنة والقائمين عليها ( المهندس المعمارى المصمم ) ولكن يجب أن يكون هناك متلقى لهذا الفن فى كل شارع وقرية ومدينة حيث إن العمارة لغة مستقلة لها مصدر ( المبنى نفسه ) ولها ايضا متلقي ( الإنسان المار فى الشارع ).

ونبدأ باستخدام قاعدة التعود والتكرار على المتلقى لأنه القاعدة العريضة والمهمة ويعتبر الأطفال هم الشريحة الأهم لأنهم الأمل والجيل الجديد،  فيجب علينا تعليم وتدريب الأطفال وتنمية حواسهم لتذوق الجمال وإدراكه وأيضا التمييز بين القبيح والجميل وذلك بالنقد الموضوعى ، وللأسف الشديد لا نري محتوى علمى يدرب الأطفال ويخاطب عقولهم وذلك على الرغم من القنوات الفضائية اللانهائية وموضوعاتها المتنوعة وأيضا محاربة القبح الذى نراة على شاشاتنا فى جميع المجالات والجدير بالذكر أن  الجمال والتدريب عليه وتعليمه ونقده هو علم وهذة حقيقة أصبح متعارف عليها بين المتخصصين وهناك العديد من الفلاسفة اللذين شرحوا و أوضحوا علم الجمال وليس الجمال على المطلق ومن أهمهم كانط وهيجل.

وأما بالنسبة لاستخدام قاعدة التعود والتكرار على المصمم المعمارى فأود أن نبدأ أيضا من فترة تدريس علم الهندسة المعمارية والذى يتجاوز الأربعة سنوات على الأرجح ، فيجب على كل كليات ومعاهد الهندسة المعمارية فى الوطن العربى أن يتفقوا على ميثاق شرف ( أخلاقيات المهنة ) يتم تدريسه وتكراره يوميا طيلة فترة التدريس على هؤلاء الطلبة ويتلخص هذا الميثاق فى جملة واحدة ( شخصية فنية مستقلة و تمسك بالمبادئ وعدم الانسياق وراء العميل الغير مثقف) ، وبالتالى نستطيع إنتاج جيل من المصميين معظمهم ذوى مبادئ مشتركة وأفكار و رؤى مختلفة وبالتالى من يخرج عن الميثاق يصبح مرفوض من أصحاب المهنة ومنبوذ من المجتمع ككل لأعماله الرديئة وهكذا نعكس القاعدة السائدة الآن، أدرك جيدا أنه حلم بعيد المنال ولكن كل المنجزات الحضارية تبدأ بالطموح والأحلام.

و أخيرا أنصح كل المعمارين بالسفر ومشاهدة الحضارات القديمة والحديثة وتكرارالمشاهدة كلما أمكن ذلك وهو ما نطلق علية ( تدريب الأعين ) وأيضا عدم الاعتماد على المصادر المحلية فقط او على شاشات الكميوتر والمنتديات التى تعرض صور للمبانى فقط بدون شرح حتى أو تعليق، وبالتالى سوف ينعكس هذا على تصميماته وعلى مدينته ومجتمعه ككل ولا تنسى " إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ...." صدقت يا رسول الله (ص).


لرؤية مقال موسيقى الأذان على الموقع الرسمى  ,, نرجو الضغط على اللينك فى الاسفل


   د.م/أحمد فوزي


 الموقع الرسمى للاكاديمية
http://www.palm-studios.com/
حساب الاكاديمية على اليو تيوب (نرجو عمل subscribe لمعرفة احدث اعمالنا اول باول(
https://www.youtube.com/user/ThePalmStudio
حساب الاكاديمية على تويتر
https://twitter.com/Palm_Studio
حساب الاكاديمية على الفيس بوك (نرجو عمل like لمعرفة احدث اعمالنا اول باول(
https://www.facebook.com/palmacademy
للاراء و المقترحات نرجو التواصل على
http://www.palm-studios.com/contact-us

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق